الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وقيل: المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع؛ أي ناظرين من غير أن يَطْرفوا؛ قاله ابن عباس، وقال مجاهد والضحّاك: {مُهْطِعِينَ} أي مديمي النظر.وقال النحاس: والمعروف في اللغة أن يقال: أهطع إذا أسرع؛ قال أبو عبيد: وقد يكون الوجهان جميعًا يعني الإسراع مع إدامة النظر.وقال ابن زيد: المهطع الذي لا يرفع رأسه.{مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} أي رافعي رؤوسهم ينظرون في ذلّ.وإقناع الرأس رفعه؛ قاله ابن عباس ومجاهد.قال ابن عرفة والقُتَبيّ وغيرهما: المقنع الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه؛ ومنه الإقناع في الصلاة وأقنع صوته إذا رفعه.وقال الحسن: وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد.وقيل: ناكسي رؤوسهم؛ قال المهدويّ: ويقال أقنع إذا رفع رأسه، وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلّة وخضوعًا، والآية محتملة الوجهين، وقاله المبرّد، والقول الأول أعرف في اللغة؛ قال الراجز: وقال الشَّمَّاخ يصف إبلًا: يعني: برؤوس مرفوعات إليها لتتناولهن.ومنه قيل: مِقْنَعة لارتفاعها.ومنه قَنِع الرجل إذا رَضِي؛ أي رفع رأسه عن السؤال.وقَنَع إذا سأل أي أتى ما يتقنّع منه؛ عن النحاس.وفم مُقْنَع أي معطوفة أسنانه إلى داخل.ورجل مُقنَّع بالتشديد؛ أي عليه بَيْضة قاله الجوهري.{لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر فهي شاخصة النظر.يقال: طَرَف الرجلُ يَطْرِف طَرْفًا إذا أطبق جَفْنه على الآخر، فسمّي النظر طَرْفًا لأنه به يكون.والطَّرْف العين.قال عَنْتَرة: وقال جَمِيل: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أي لا تغني شيئًا من شدّة الخوف.ابن عباس: خاليةٌ من كل خير.السُّديّ: خرجت قلوبهم من صدورهم فنشبت في حلوقهم؛ وقال مجاهد ومُرّة وابن زيد: خاوية خربة مُتخرقة ليس فيها خير ولا عقل؛ كقولك في البيت الذي ليس فيه شيء: إنما هو هَوَاءٌ؛ وقاله ابن عباس.والهواء في اللغة المجوَّف الخالي؛ ومنه قول حسان: وقال زهير يصف ناقة صغيرة الرأس: فارغ أي خال؛ وفي التنزيل: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ موسى فَارِغًا} [القصص: 10] أي من كل شيء إلا من هم موسى.وقيل: في الكلام إضمار؛ أي ذات هواء وخلاء. اهـ.
وقال عمران بن حطان: وقال أبو عبيدة: قد يكون الأهطاع الإسراع وإدامة النظر.المقنع: هو الرافع رأس المقبل ببصره على ما بين يديه، قاله ابن عرفة والقتبي.وقال الشاعر: يصف الإبل بالإقناع عند رعيها أعالي الشجر، ويقال: أقنع رأسه نكسه وطأطأه، فهو من الأضداد.قال المبرد: وكونه بمعنى رفع أعرف في اللغة انتهى.وقيل: منه قنع الرجل إذا رضي، كأنه رفع رأسه عن السؤال.وفم مقنع معطوفة أسنانه إليه داخلًا، ورجل مقنع بالتشديد عليه بيضة الرأس معروف، ويجمع في القلة على أرؤس.الطرف: العين.وقال الشاعر: ويقال: طرف الرجل طبق جفنه على الآخر، وسمي الجفن طرفًا لأنه يكون فيه ذلك.الهواء: ما بين السماء والأرض، وهو الخلاء الذي لم تشغله الأجرام الكثيفة، واستعير للجبان فقيل: قلب فلان هواء.وقال الشاعر: {ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءُوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء}: الخطاب بقوله: {ولا تحسبن}، للسامع الذي يمكن منه حسبان مثل هذا لجهله بصفات الله، لا للرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه مستحيل ذلك في حقه.وفي هذه الآية وعيد عظيم للظالمين، وتسلية للمظلومين.وقرأ طلحة: ولا تحسب بغير نون التوكيد، وكذا فلا تحسب الله مخلف وعده.والمراد بالنهي عن حسبانه غافلًا الإيذان بأنه عالم بما يفعل الظالمون، لا يخفى عليه منه شيء، وأنه معاقبهم على قليله وكثيره على سبيل الوعيد والتهديد كقوله: {والله بما تعملون عليم} يريد الوعيد.ويجوز أن يراد: ولا تحسبنه، يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون، ولكن معاملة الرقيب عليهم المحاسب على النقير والقطمير.وقرأ السلمي والحسن، والأعرج، والمفضل، عن عاصم وعباس بن الفضل، وهارون العتكي، ويونس بن حبيب، عن أبي عمر: ونؤخرهم بنون العظمة، والجمهور بالياء أي: يؤخرهم الله.مهطعين مسرعين، قاله: ابن جبير وقتادة.وذلك بذلة واستكانة كإسراع الأسير والخائف.وقال ابن عباس، وأبو الضحى: شديدي النظر من غير أنْ يطرقوا.وقال ابن زيد: غير رافعي رؤوسهم.وقال مجاهد: مد يمين النظر.وقال الأخفش: مقبلين للإصغاء، وأنشد: وقال الحسن: مقنعي رؤوسهم وجوه الناس يومئذ إلى السماء، لا ينظر أحد إلى أحد انتهى.وقال ابن جريج: هواء صفر من الخير خاوية منه.وقال أبو عبيدة: جوف لا عقول لهم.وقال ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد: خربة خاوية ليس فيها خير ولا عقل.وقال سفيان: خالية إلا من فزع ذلك اليوم كقوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا}، أي: إلا من هم موسى.وهواء تشبيه محض، لأنها ليست بهواء حقيقة، ويحتمل أن يكون التشبيه في فراغها من الرجاء والطمع في الرحمة، فهي منحرقة مشبهة الهواء في تفرغه من الأشياء وانخراقه، وأن يكون في اضطراب أفئدتهم وجيشانها في الصدور، وأنها تجيء وتذهب وتبلغ على ما روي حناجرهم، فهي في ذلك كالهواء الذي هو أبدًا في اضطراب.وحصول هذه الصفات الخمس للظالمين قبل المحاسبة بدليل ذكرها عقيب قوله: يوم يقوم الحساب.وقيل: عند إجابة الداعي، والقيام من القبور.وقيل: عند ذهاب السعداء إلى الجنة، والأشقياء إلى النار. اهـ.
|